بشار ورقة في ملف اندثر (1 من 5 )
بقلم : مصطفى منيغ
بصراحة
ثمة أمور تستوجب التريث في التفكير، بعد
التقدير المحصور في التقرير، المعترف به ممن يحظى (عن علم ودراية وتجربة) بدرجة أو لقب خبير، لحين انطلاقة المواجهة
الحقيقية بين من صبروا حتى اشتكاهم الصبر للصبر فحكم الأخير عليهم بالمزيد من
الصبر ، وبين من ظنوا أن الغباء استوطن جزءا
من المنطقة ، فالأفضل أن تظل بالحديد والنار مطوقة ، ريثما يتم استصدار
الأمر القاضي بكونها محرمة بما فيها وعلى من فيها مغلقة .
...
طبعا القصد بَيِّن إن تركنا جانبا الكرملين وبكين ، واتجهنا لأوربا الفرنسيين ،
وما جَدَّ بين السعوديين والأمريكيين ، لنجد أن خريطة التعامل السياسي المرسومة خلال هذا الأسبوع لا تعكس تلك الخريطة
القريبة في رسوماتها وأبعادها ونقطها الثابتة (عن اتفاق مبدئي عائد إلى اقتسام
المصالح والغنائم وفق أهمية مراكز القوى وليس اتباعا لأي عدالة أو حق شرعي أو
مكتسب متوارث ، أو أعراف لها حضور في اتخاذ قرارات تهم مصير دول وليس واحدة فقط )
على أرض الواقع . روسيا والصين لكل منهما
حسابات خاصة أبرزها عند الأولى أن تُقْضَى مصالحها (المادية خصوصا) بالكامل غير
عابئة بالتوقيت الزمني مادام الشأن يدخل في خانة "الطارئ" المُستعان به
لاستخراج بطاقة الفيتو مؤكدة أنها قادرة على بسط أي حل يقيها من ضيق الحال ، والجميع يعرف ولو بطرق
متفاوتة ما تعانيه هذه الدولة من أزمات اقتصادية ناتجة عن تفكك الاتحاد السوفيتي
ومعاودة الاعتماد على نتاجها القومي في الدرجة الأولي لتغطية مصاريف بقائها ولو
بالحد الأدنى كدولة مؤثرة في أكثر من مجال على المستوى العالمي . فكان (كما سيكون)
على روسيا أيسر من غيرها على تغيير منظورها لمسألة سوريا والالتحاق إلى حيث الثوار
لإدراكها دراسة وتجربة وتخمينا أن حليفهم الانتصار ولا شيء آخر ، بشار كُوبا من
زجاج انكسر، وأسد من ورق تبلل وتبعثر، وورقة في ملف أصابها التلف فاندثر،عكس الصين
المبني تفهمها عن عزوف أمريكا (ومن يدخل في هيمنتها) ولو بنسبة مقبولة عن ذاك
الدور التقليدي الذي منح للصين الوطنية متنفسا استطاعت به ولعقود تحدي صلابة الموقف
الصيني في استعادة ما تراه حقها الشرعي وفق الكيفية التي تراها ضمانا لوحدة ترابها
الوطني ، إذن اتجاهها لا يستمد بالضرورة لاستخلاص فوائد من صنف آخر ، انطلاقا أن
القضية متعلقة بمن يمتلك أحد اكبر الأسواق المستوعبة لمنتوجات الصين بدءا من
الإبرة لغاية أدق الابتكارات في عالم التكنولوجية المستعان بها في إنماء وتطوير جل
المجالات ذات الاتصال بحضارة القرن الحالي وإفرازاته البعيدة المدى
، ونعني به السوق العربي وتحديدا الخليجي ، إذن الموقف الصيني قابل للميل
من جديد صوب إتباع بوصلة يمتلكها ربان زورق ، قوي وجوده بالحق ، ذكي في تحريك
مجدافاي التقدم إلى الأهم ، سريع الفهم قبل الإجابة بالمفيد من الكلام .
وإلى الجزء الثاني من" بشار ورقة في
ملف اندثر"
مصطفى منيغ
مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية
عضو المكتب التنفيذي لحزب الأمل
---------------------------------------------------------------------------------------
التحقيق بالمنطق ينطلق
بشار ورقة في ملف اندثر (2 من 5)
بقلم : مصطفى منيغ
...
صراخ العقلاء الثوار الأحرار في سوريا منزه عن الضوضاء، كدعاء المظلومين في تطلعه
لرب العلياء، لا شيء يعيقه تحقيقا للرجاء، من باري الوجود دون استثناء. لذا سوريا
السوريين (و العرب الغيورين ، الثائرين على الجور والاستبداد والقهر والعدوان
والكفر والذل و صنائع المجرمين في أي بقعة من البسيطة وفي أي حين ، والمسلمين في
مشارق الأرض ومغاربها الخاضعين الطائعين
لرب العالمين،) لن يقدر على إسكات ما تردد داخلها من زهاء حَوْلٍ أو ينيف ، الذي
استقبله " بشار" بأعنف عنف وتعنيف ، كأن المنادين بإسقاطه مجرد نعاج
يفصل عن جلودها الصوف ، لينسج ونظامه ما يدفئ كرسيه من صقيع الخوف ، يراه ساريا في
أركانه سريان غضب أمة لا شيء يرغمها على
الفتور فيما أقدمت على استئصاله أو التوقف، فمن شم عبير الحرية بعد أربعة عقود
تَحَكَّمَ "آل بشار" أثناءها حتى فيما عسى تستنشقه الأنوف ، لن يعاود
الاستكانة في نفس الكهوف ، ولو
استعان الطاغية في جرها إليه بمن استغلوا
الظروف ، ليقتاتوا من عرق سوريا ويجنون من دوحها الشريفة أجود القطوف ، ريثما
يتدلى عنق النظام من حبل أعلى مشنقة في هذا العصر أو غيره غير معروف، ليعلنوا عن تحالفهم الممسوخ الوسخ التوبة و
العزوف .
...
الفرنسيون أقرب الدول الأوربية معرفة بالمقاومة السورية وصلابتها وقوة دفاعها لردع
من تجرأ على كرامة وحرية وحرمة وشرف تربة أراضيها ، بحكم انتدابهم على سوريا منذ
وطئت أقدامهم أرض جزيرة "أرود" سنة 1915 . قبالة الساحل السوري وتحديدا
على مسافة 2450 مترا ، وضِعْف هذا البعد تقريبا عن جنوب غرب "طرطوس"، في
هذا الصدد سيجد المهتم أن "غورو" تجرع المر قبل إعلان فرنسا احتلالها ما
احتلته في سوريا الصمود أربع سنوات بعد ذلك ، ومعركة "ميسلون" محفورة في
ذاكرة فرنسا التاريخية تسترجعها كلما أرادت إصدار قرار يخص هذه الدولة العربية
المقامة على حب مواطنيها لكرامتهم قبل أي شيء آخر
، تلك المعركة التي استشهد فيها أزيد من 800 مجاهد سوري أغلبهم وهم يدافعون
عن سوريا وطنهم الغالي لم يستعملو غير العصي وفي أحسن حال بنادق لا ترقي لتلك
المستخدمة في حصاد أرواحهم الزكية من طرف المحتل الغاشم الذي وظف الرشاشات
والدبابات والطائرات ليفصل في الموضوع بعد ساعتين لا غير بسقوط البطل يوسف العظمة وكان ساعتها يشغل منصب
وزير الحربية في حكومة سوريا العربية.
...
فرنسا حينما تقف الموقف المعلن من طرفها لصالح المقاومة تدرك أن هذه الأخيرة لن
تتخلى عن كفاحها إلا بتحقيق ما ترغب في الوصول إليه من إسقاط نظام بشار، وتوابعه
المشبهين بقطع الغيار ، من " شبيحة "، وجنود منسوب إليهم التصرفات
القبيحة. فرنسا هذه لم تتخذ الموقف الايجابي المذكور بناء عن فراغ أو نقص في
المعلومات أو تجاهل في تحليل جوانب القضية بما تتضمنه من إرادات مفعمة بإقدام
السوريين الأحرار لقلع ما شكل عليهم أسوأ ضرر الممثل في حكم بشار ، ولول روسيا
والصين وإيران ومن يحكم جنوب لبنان ، لكانت سوريا
(بالمقاومة نفسها واعتمادا على ذاتها وإمكاناتها) مستقرة على ما اجتمع عليه
أبناؤها من حرية وسلام وأمان .
وإلى الجزء الثالث من "
بشار ورقة في ملف اندثر"
مصطفى منيغ
مدير نشر ورئيس تحرير جريدة الأمل المغربية
عضو المكتب التنفيذي لحزب الآمل
www.kolonagaza7.blogspot.com
No hay comentarios:
Publicar un comentario